عيون غزة قصيدة لأنور الخطيب
حوار بين الوجود والعدم !
انطوان يزبك
يقول أنور الخطيب في قصيدة جديدة :
عيون غزة
بدأت حوارا لا ينتهي مع المخرز
يسألها: أين الشعراء الصوفيون
أين يخبؤون الله
ألف أين وألف صمت
يرحل المخرز
تستعيد غزة عينيها
لا ترى أحدا
أحدهم، رآها في قارب يبتعد
فكرة تهاجر من رأس الحكمة
لا أحد يخاف الله
كلهم يخافون غزة
تقترب من “الرضوان”
تسأله: أيني؟!
تخاف من جوابه
تعود إلى الفراغ
حيث دم الوقت
يسأل الصوفيين
سؤالاً عبثياً
كأشعارهم
………
من يكتب عن غزة
يصاب بلعنة
تشبه البحر وهو يتقيأ
…………
غزة صارت في شعر اليوم ملاذا وكلمة وبوح وقصيدة : ملحمة الملاحم وأم المعارك…المعركة في الأرض الصغرى تحت سماوات كبرى و شاسعة ، سماء رخيٓة و مترامية نفخ فيها الغزاة الأبواق من قرون كبش وشاة ولم يستر التاريخ عورات أبناء الزنى حتى تكاثرت الشهوات !!
والمعرفة التي نكتسبها من أفواه من رحلوا تقول :
سوف تستمرٓ ويلات غزة في روع الناس، في الوعي واللاوعي ستبقى الهاجس والكابوس والأحلام المربدة ، حين ينزٓ الجرح ويقطع الفرسان من عريش مصر إلى القدس على صهوات مطايا الريح …
تراهم هؤلاء يداومون على انتزاع الخوف والخطيئة ، من أحلام الظمأ والجوع والقتل والميتافيزيقيات العقيمة و سوف يداوم الفتى الغرٓ، يبحث عن الانعتاق من خلال دقات الزار، ودوران الدراويش .
هكذا يعمد الشاعر المشتاق إلى طفولته وفتوته، إلى احياء الجماد من خلال حوار مع المخرز، و يسأل طوعا عن ماهية استحضار الله في التصوف ومع الصوفيين ، وهو مدرك ان من عقود كان الله حاضرا ، هذا الوحي المكبوت الذي قتله جنود الاحتلال في صورة محمد الدرٓة ، الطفل الشهيد الذي اعتبره محمود درويش مسيحا صغيرا وعلى هذا النمط كرٓت السبحة فكانت مذابح الأطفال عنوانا للموت الحديث..
وعلى هذا الأساس قال الله :
لا أجد مكانا أضع رأسي فيه ، ويقول أهل غزة : لا نجد مكانا في غزة الركام ، نزرع فيه الزوايا والتكايا ،ولا أمل لدرويش تقي، في استحضار “الحضرة “، وأن يأتي الدرويش بما يرويه عشقاً وتأتيه “الحضرة” بما ارتوى قبلا انبياء الشعوب …
على ما يبدو لا أمل في استمالة الحب الى بلادنا ولا أمل في عودة العماليق ، كي لا تتشوٓه أسطورة الزهرة والنعش، والعود الابدي والصلاة الربيٓة والرأي في دلالات الوجود .
اجل في قصيدة انور الخطيب تساؤلات كثيرة في حين أن لا شيء يزاد متى كان الكلام يتناول غزة ، وهل سنبقى نردد ذلك ، والى متى ؟ الى يوم القيامة ربما !
عود على بدء أقول؛ وفي الصوفية الكثير من التساؤلات والعبق التجاوزي للوصول الى الله والله قريب جدا جدا هو يتقوقع ويصغر ويتحوٓل الى ركام حتى يسكن غزة ويكون قريبا من هؤلاء الصغار، هؤلاء الذين قال عنهم السيد المسيح انهم الوحيدون الذين يمتلكون أسرار الملكوت واسرار الدخول اليه والفوز به ، وقيل أيضا أن رأس الحكمة مخافة الله ، ولكن حيث لا خوف ولا تهيٓب من الحضرة الإلهية هناك انعكاس للحكمة نحو القطب السالب و طفرة تشبه الولولة والانقباض قبل حلول الكارثة الكبرى !
لذلك من المحال التكلم عن الحكمة ،هذه الحكمة عينها التي اتفق الفلاسفة لعصور طويلة على تحويلها إلى سفر توراتي فقرأوه معكوسا و ليس هنالك من يتهم ويصوب الإصبع نحو الجريمة ، خشية من( يهوه) الخبيث قاطع الرؤوس .
في غزة يا قوم تبلبلت الألسن فوق ما يستطيع العقل أن يتخيله ، ودارت الدوائر لتبنى بابل الجديدة من اكمات الأسمنت المطحون وحملة المخارز ، والشعر الصوفي المحرر ، الذي حلمنا به توارى خلف الدخان فكان ما كان وحينها تحلو العودة إلى الفراغ إلى دوامة دقة الزار فهل نطرد الأشباح الخبيثة هذه المرة ونصل بصوفيتنا إلى الله ؟ …