حجم العرب الحقيقيّ لم يعد خافيًا على أحد؛ وكذلك عقلية الوهن التي نحياها ونتجرّعها حتى الثّمالة؛ والذّاكرة الحُبلىٰ بأمجاد العرب أضحت خيالات وأوهام بعيدة عن التّحقق على أرض الواقع؛ والضّمير الكظيم يعيش خيابات الحُلم العربيّ غير قادر على تجاوز أزمنة الغباء والخيانة التي نحياها.
كان حالنا يتماهىٰ مع هذا “اليأس”؛ حتى أتانا “اليقين”.. “يقين” يغنّي للأمل؛ للصباح حين يمطر السّحاب رصاصًا على الأعداء؛ ساعة يغدق النّهارُ النّدىٰ على حبّات القمح في مهدها فتزهر سنابل التّشبث بالهويّة والوطن، حين تهدي سلامًا لجيل يقبض على الزّمام ليعيد أمجاد “صـ.لاح الدّين”.
“يقين”.. يدرك أنّ شرف “البتول” سيُعيده فارسٌ عربيٌّ أصيلٌ؛ يعتلي صهوة العزّة والإباء؛ يحرِقه حنين “الأٌقصىٰ” وطول السُّهاد؛ يتسمّع لصُبحٍ قُدسيّ النّداء؛ فيلبّي ودمه الفداء لا مستذَلًا ولا جاثيًا.. بل حاملًا للبأس؛ آوِيًا للفجر.
” يقين”.. يعترش “طو.فا.ن الأقصىٰ”.. فكان المعجزة التي جعلتنا نُغَير الدّفة؛ فلن نُدرب أبناءنا -بعد اليوم- على “الصّبر” فهو حيلة العاجز، ولن نجعلهم يقتنعون بأنْ تُباع قضاياهم وأحلامهم للبعض فتلك هواية “السّاسة”، ولن نُعلِّمهم أن يقبلوا الهزائم والانكسارات بنفوسٍ راضيةٍ بحجة العجز؛ وأنّه ليس في الإمكان أبدع مما كان.. سنقول لهم: افهموا وتبصّروا وخطِّطوا.. فالسّماء لا تُغدق حلولها على المتكاسلين المتهاونين المنبطحين لأعدائهم.
عامٌ يكاد يطوي دفتيه على المقاوم “الغزّا.وي”؛ وهو يلقّن المحتل الغاصب أنّ “الذّاكرة الفلسـ.طينيّة” الحافظة لملايين المشاهد والذّكريات الحزينة من احتلالٍ وقتلٍ وتشريدٍ وحرقٍ وتدميرٍ وتنكيلٍ وبقرٍ لبطون الحوامل وهتكٍ للمقدّسات والأعراض.. ما زالت تجاهد لأجل إشراقة شمسٍ جديدةٍ.. فعلى أرض “فلسـ.طين” المباركة ما يستحق الحياة والاعتزاز.. ومن أرضها فارسٌ أزِف موعدُه وأظلّنا زمانُه.
عامٌ يمضى على “غزّ.ة” العزّة؛ وهي تناضل وحدها محتلًّا مجرمًا غاشمًا.. لم تلجأ للعرب وتطلب مساعدتهم.. فقد سقطت “ورقة التّوت” وكشفت عورات العرب.. فإذ بهم أموات.. والاستغاثة بالأموات.. حرام.
عامٌ يمضي؛ يتجاوب العالَم كلّه مع أنين “غزّ.ة”؛ ويتفهّم لغة الوجع “الفلسـ.طينيّ”؛ ويساند عدالة مطالب “الطّو.فا.ن” الذي تهجّد صبرُه ركعتَه الأخيرة: معلنًا عدم قدرته على احتمال كل تلك الوحشيّة التي يعاني منها عدة ملايين في أصغر مساحة أرض يمكن أن تضمهم.
عامٌ أُصدرَت فيه العديد من الكتب؛ وكُتبت آلاف المقالات معلنةً أنّ “فلسـ.طين” ليست وطنًا على سفر أو على قيد الرَّحيل؛ أو أنّ أهلها يرضون بغيرها أرضًا.. إذ كيف يرضون بغير “المقدّس” بديلًا ؟!
من هذه الكتب اللافتة على السّاحة العربية؛ والمواكبة لذلك الحدث الفارق في تاريخ الأُمّة كان: “طو.فا.ن الأقصىٰ- معجزة العصر”؛ الصّادر عن دار “نهر النّيل للنشر”.. للكاتب الصّحفيّ القدير/ مؤمن الهبّاء؛ الذي بَصُرَ أنّ “الطّو..فان” قد كشف الحُجُب؛ وأنّ الحرب على “غزّ.ة” ( بل وعلى فلسـ.طين) حرب دينية؛ وليست صراعًا عربيًّا قوميًّا مثلما توهّمنا، وفنّد فيه رسائل أمريكا المخادعة؛ لتتبين الحقيقة أنّها الدّاعم الأول والأساسيّ بالمال والسّلاح والمقاتلين للمحتل الغاصب لأراضينا العربيّة، وأنّ “حما..س” ليست منظمة إرها..بيّة؛ بل إنّ مقاومتها للمغتصب لأجل إحلال السّلام في وطن السّلام.
تحت عنوان: “غز.ة غيَّرت العالَم”.. يوضّح “الكاتب” كيف أنّ “المقا..ومة” أحيت القضيّة الفلسـ.طينّة وأعادتها للمشهد العالميّ؛ بعد أن ظنّ الصّها..ينة أنّهم قد وأدوها للأبد !! وكيف اهتزّت صورة “الكيان” في الدّاخل والخارج؛ وعلى الصّعيد العربيّ أوقفتْ مسيرة “التّطبيع المجانيّ” مع العدو.
أمّا “رسالة الرَّجل الملثّم”.. فبهذا العنوان لفت كاتبنا انتباهنا لـ “أبو عـُ.بيدة” النّاطق باسم “كتا..ئب القـ.سّا.م” الذي أكدّ على أنّ 7 أكتوبر 2023 كتبت بداية النّهاية للكيان المحتل.. وأنّ “الطّو.فا.ن” يغير وجه منطقتنا للأبد.. وأنّ المقاومة تُكبّد العدو خسائر فادحة رغم غطرسته وكذبه وعدم إعلانه للحقائق ونشر إنجازات مزعومة.. وهذا ما أكده المحللون السّياسيون.. مما مهد الطّريق لهدم الحُلم اليهو..ديّ العالميّ بالنّزوح لأرض “الميعاد” (!!) حيث الإغراءات “الجاذبة الكاذبة” الثلاثة: الجنسية والسّكن والعمل.. فالواقع يثبت هجرة الآلاف ورفضهم العودة لتلك الدّولة الهشّة.
يرصد “الكِتاب” مقابلةً فائقة الرّوعة؛ حين يتناول شواهد انهيار الحُلم الصّهيو..ني؛ وفي نفس التّوقيت يأتي الرّد الرّباني وتكسب القضيّة كل يوم أرضًا جديدة وأنصارًا أقوىٰ وأكثر تأثيرًا من أنصارها التّقليديين المستسلمين لليأس أو المتخاذلين.. كذلك المقابلة بين طو..فان الأكاذيب الصّهيو..نية.. وطو..فان التّأييد العالمي.
بتدقيق القراءة في مقالات الكتاب الأربعين.. نجدها تنقلنا برشاقة من خلفيات ودوافع “الطّو..فان” التّاريخية والدّينية والسّياسية؛ وصولًا للإجابة عن العديد من الأسئلة المطروحة على السّاحة؛ لا سيَّما السّؤال الذي يناوشه البعض من قريب أو بعيد: هل عملية “الطّو..فان” مبَرَّرَة أم أنّها جاءت بالوبال على “غزّ.ة” والقضيّة الفلسـ.طينيّة ككل ؟ وغيرها من أسئلة وإجابات ورُؤى -خاصّة بالكاتب- ترصد وتحلل وتُصحِّح العديد من المفاهيم والمعتقدات.