الذكاء الاصطناعي يدخل لغة الفضائح في لبنان !
أنطوان يزبك
يقول فولتير :” ذات يوم كل شيء سوف يميل الى الخير ؛ هذا هو أملنا ، كل شيء اليوم يرتع في الخير هذا هو الوهم !.”
من يتابع أخبار الذكاء الاصطناعي هو كمثل الذي يدخل صدفة غابة مخيفة مسكونة ، غابة مسحورة من عصر ميرلين والساحرة مرجانة، غابة الأسرار لا بداية ولا نهاية لها تشبه في شعابها الدهاليز المتشابكة والمترابطة حيث العفاريت والأقزام والجن أقاموا احتفالاتهم الصاخبة و أعراسهم الماجنة.
غابة التكنولوجيا الافتراضية هذه أصبحت متاهة البشر الآن و أخبارها على كل شفة ولسان . كل نقطة وصول فيها نقطة انطلاق جديدة نحو عقدة مبهمة و ورطة خلقها العلم وطورتها التكنولوجيا .
أصبح الذكاء الاصطناعي معضلة المعضلات فسيله لا يتوقف وأخباره لا تنقطع واللغز يزداد صعوبة يوما بعد يوم.
من أيام قليلة ذكرت إحدى وكالات الأنباء أن الذكاء الاصطناعي بات عنصريا فقد أخضعت متسابقات في مباراة للجمال لحكم الذكاء الاصطناعي فكانت النتائج صاعقة اذ تم استبعاد الفتيات من العرق الأسود ووضعت علامات عالية جدا للبيضاوات ،وهنا يطرح السؤال التالي هل الذكاء الاصطناعي عنصري أم أن من دربه هو شخص عنصري لقنه كراهية السود؟ أم بكل بساطة نقول هل تمرد هذا الذكاء على صانعه واختار أن يكون ديكتاتورا عنصريا لا تحركه أسس المنطق والعقلانية ، والمحبة والإنسانية ؟ وفي كل الحالات هذا أمر خطير ومؤسف ولا نعرف ماذا سيكون عليه المستقبل !! .
أمّا في لبنان فقد تناقلت الصحافة الالكترونية خبرا تحت عنوان بارز :
“إبتزاز في لبنان”.. صور فاضحة والـ”AI” متورّط!
جاء فيه :
سادت تحذيرات مؤخراً بين ناشطين في لبنان من استغلال جهات مجهولة للذكاء الإصطناعي (AI) لتركيب وفبركة صور وفيديوهات لأشخاص عاديين بهدف إظهارهم بوضعيات غير لائقة.
وتبيّن أنَّ هذا الأمر بات يهدد الكثيرين بهدف الإبتزاز، ما يمثل مسألة خطيرة جداً لا يمكن ضبطها.
وقال أحد الخبراء التقنيين لـ”لبنان24″ إنَّ مسألة استخدام الذكاء الإصطناعي لهذه الغايات “خطيرة جداً”، ويمكن أن تؤدي إلى مشاكل إجتماعية، موضحاً أن عمليات تركيب الصور هي تقنية معروفة ، لكن ما يساهم إلى حد ما في التقليل من وطأتها هو الخورازميات الموجودة والتي تكشف أن الصور المفبركة هي من إنتاج الذكاء الإصطناعي وبالتالي التأكيد على عدم صحتها . لذلك باتت كل صورة فاضحة موضعا للفحص والتدقيق من قبل ال(AI) ولا مجال للغلط.
ولكن متى خرجت الفضيحة الى العلن من سيعبأ بما سيمليه الذكاء الاصطناعي، وهل هو الضمانة لعدم انتشار الفضائح ؟
هذا الذكاء الذي بات عنصريا في التحكيم في مباراة جمال بين جميلة شقراء وجميلة سمراء داكنة هل هو وسيلة يمكن الإتكال عليها ومنحها ثقتنا ؟
فعلى ما يبدو أن هذا الذكاء الاصطناعي ينظر ويحكم ويفكر بعيون البشر وبات عنصريا مثلهم !
المشكلة ليست في التكنولوجيا ، بل هي في عقليات الناس في هذه الأيام ورفضها للمنطق والعقلانية وتعاملها مع المنطق كما المزكوم ( المصاب بالزكمة أي انسداد الجيوب الأنفية بسبب الإنفلونزا ) يتعامل مع الوردة ، ولأنه فقد حاسة الشم فهو ينفي وجود العطر في الورود.
في الماضي قال جبران خليل جبران :
“أنا لا اعرف الحقيقة المجرّدة ولكنني أركع متضعا أمام جهلي وفي هذا فخري وأجري ” .
هذا ما قاله جبران العظيم والعبقري ولكن ماذا لو عاد جبران خليل جبران بعد 100 عام إلى عصرنا الحالي ماذا سيكون رأيه في جحافل الجهلة الذين يدعون المعرفة و يتمترسون وراء دشم جهلهم ويعتبرون أنفسهم عباقرة و أباطرة الفكر والمعرفة، وفوق كل ذلك يتمسخرون على الذي يفكر ويتنمّرون على الحكماء وعلى الفلسفة والعقل والمنطق والحسّ السليم ويحاربون كل بوادر الخير والسلام والمحبة في الوجود ، ويسعون الى هدم كل مآثر الحضارة وما بناه الإنسان العاقل منذ فجر البشرية !…هو فعلا زمن الإصغاء إلى إمير الظلام وصمّ الآذان وعدم الإصغاء لملك النور والعالم بات في ظلمة كبيرة.