لا تسألوني عن بيروت، كل شيء سينتهي قريبًا وسيعود كل شيء جميلًا، هذا ما علمتنا إياه بيروت على مر السنين، علمتنا أن نتمثل بتاريخها، حتى الزلازل لم تقوَ عليها..

جدتني أخبرتني عنها قبل أن أحفظ كتاب التاريخ الذي كنت أكرهه وأستبدله ب”الاستظهار”أو المحفوظات كما نسميها اليوم، في المدرسة الرسمية. قالت لي جدتي التي لم تفقد الأمل في الحرب الأهلية: بيروت طمرت مرات عدة، قوات الجحيم لم تقو عليها، وفي اليوم الثالث قامت من بين الأموات.
نعم يا جدتي، ربينا على رائحة الصعتر زادنا الذي زادنا ذكاء ولم نمل منه، وبرائحة وجمالية الورد الجوري، تصاعد الشعر في حديقتك الجميلة.
لا تسألوني عن بيروتتي، مدينتي الصغيرة المتألمة التي تعيش اليوم مخاضًا كبيرًا.. لا تسألوني عن جنوبي الصبور وأهله. قال لي سيدي المسيح، لا تخافوا أنا معكم وكررها بعدد أيام السنة(٣٦٥ مرة )
أؤمن أنك ستقومين يا بيروت، لكن، متى يحين موعد اليوم الثالث؟
في مقدمة ديواني “الغرفة ٢٣ وقصائد أخرى” ٢٠٢١ كتبت عن جدوى الكتابة “أكتب لأحيا” ولأسباب أخرى.
اليوم أكتب من جديد بعد أن أصابتني لعنة تسمى حبسة الكتابة:
لا شيء يشفيني،
لا شيء سوى الكتابة..
الكتابة فقط.
أكتب لأعوض أثمانًا كثيرة دفعتها عن طريق الخطأ..
أكتب لأملأ فراغ المقعد أمامي..
أكتب لأنسى، وأنسى لأحيا.
حين يسيّجنا الوجع الصارخ، يحررنا المعنى..
باختصار شديد جدًا، لا حياة من دون كتابة..
*من نص ينشر قريبًا*
الزلقا- أكتوبر ١٥-٢٠٢٤
#ليندا_نصار
#بيروت
