لامعٌ، ضوءَ الأبد!
بقلم: الدكتور عماد يونس فغالي

لم تتمَّ يا حبيبُ جدولَ أعمالكَ، وفيه الكثير من الحياة، تلكَ العانقتِ المعرفة في انفتاحها اللا حدود…!!
رحلتَ؟ ماذا دهاكَ؟ وبيننا الحواراتُ لم تتوقّف حتى أمس!! وانتظاراتُ الغد حبلى بالمواعيد والأفكار والتخطيط…
وماذا أقولُ لكَ يا رفيقي اللم تخذلني يومًا… وكانت اللقاءاتُ بيننا شوقًا متبادَلاً ومزيدًا…
لامع، رحلتَ بدايةَ تساعيّة الميلاد… لتروح تشاركُ في عرس الحمل، الذي أحببتَه متعلّمًا التعليم المسيحيّ في مدرسة الفرير، وتابعتَ تعمّقًا فيه نبضًا عمريًّا كاملاً… تلتقيه اليوم في عليائكَ، تقولُ له أخالكَ: تعال يسوع، أنا المسلم السنّي الطرابلسيّ، أحبّكَ وأعرفكَ في الإنجيل والكنيسة… تعالَ نجلسُ معًا، نتحاور في كينونتكَ وتعاليمك… أسألكَ عن امتدادكَ الخلاصيّ في الكنيسة… أنا لم أعتنقْكَ في الأرض، لكنّي أتوق إليكَ بكلّ إعجاباتي…
لامع، هل تعرف أنّي أتلقّى تعزياتٍ بارتحالك؟ يقولون لي: أعرف كم كان يحبّك. وأعرف كم يعني لكَ… في الحقيقةِ نعم، هم على حقّ… نحن أقاربُ في الفكر والبحث العلميّ… تلاقياتنا تخطّت فارقَ العمر وبُعدَ المسافات، إلى ارتقاءٍ بالوساعة الفكريّة!!
تتّصلُ بي كلّما كتبتُ نصًّا، بعد أن تعلّقَ عليه فايسبوكيًّا، وتناقشُني فيه مبديًا رأيكَ حينًا، وحينًا آخر إعجابكَ… وعندما تنشرُ مقالاً، ترسلُ إليّ رابطَه، منتظرًا اهتمامي وتفاعلي… وفي الحالتين، موقفكَ العارف يطغى ويُغنيني!!
قلتَ لي في آخرات اتّصالاتكَ: أتّكل عليكَ عماد في تهيئةِ ندواتٍ ومقابلاتٍ لي بمواضيعَ من اختياراتكَ… بضعةُ أسابيع وأعود… هيّئْ لي ما تراه مناسِبًا.
لن تغادرَني لامع طالما أكتب. سأفترضُ دومًا أنّكَ تقرأني في مراتع العلى، وتشير إليّ من فوق، متناولاً نصّي مع أخلّاء الأبد التجالسُهم، كما دأبُكَ حتى اليوم.
ولن أنسى انتظارَكَ مقالتي الذكرتُكَ فيها مثالاً أنموذجًا، يوم تصدر في المجلّة… سأنشرُها أعدُكَ، وأكتبُ إليكَ عبرها ما توحيه لي شذراتٍ من فوق!
يا نديمَ حِجاي وسميرَ فؤادي، إنْ تغدرْني وتغادرْ، يطفُ على مشاعري غمٌّ عظيم… إنْ تقلْ هذا حقُّ العمرِ، تفغرْ لي إن لم أعتبرْ سنواتِكَ التسعين إلاّ نورًا معرفيًّا وفيضًا فكريًّا، ما عتقدتُ ينضب يومًا…
لامع ميقاتي، أدركُ يقينًا أنّ عينكَ تنظر شافعةً كلّ من عرفتَه وما عاينتَه… شخصيّاتٌ التقيتَها واقعًا أو فكرًا وإبداعًا… ومكاناتٍ عايشتَها “من ساحة التلّ إلى الحيّ اللاتيني”… سننتقل جميعُنا من حيث نحن إلى فضاءاتكَ العلويّة، تكتبُنا بيراع الأبد على إضاءاتٍ من قلب الله… وأنتَ يا حبيبُ إذ ارتفعت، تجذبُ إلى ارتقاءٍ كلّ ساعٍ إلى قبَسٍ موسوعيٍّ لامع!!!

