تعال يا غسان كي ترى
(إلى الشهيد غسّان كنفاني في ذكرى حضوره الخمسين)
بقلم: أنور الخطيب
سأكتب لك بلغة الكادحين والعمال والفقراء والمهمّشين وأقول لروحك السامية:
أصبحنا نحكمُ أنفسنا بأنفسنا تحت الاحتلال، أحجية أليس كذلك؟ يعني أن الشعب الفلسطيني يرزخ الأن تحت سلطات مضاعفة، سلطة وطنية تقودها حركة فتح في الضفة الغربية، وترمي للشعب فتات الدول المانحة، وسلطة مقاومة تقودها حركة حماس في قطاع غزة وتسلب الشعب فتات الدول المانحة، وسلطة احتلال فوق سلطتيّ فتح وحماس وتمنح الشعب الخوازيق.
– أين سلطة الجبهة الشعبية؟!
والله يا صديقي، الجبهة سلّمت السلاح وتحولت إلى تنظيم سياسي، وأنت القائل: (كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق وتافه لغياب السلاح، وإنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه)، فكيف إذا اختفى السلاح يا غسان، وبات كل من يحمله خارج السلطات المذكورة، مطارداً ومطلوباً “للعدالة”، والعدالة في وطني أن يقوم رجل رسميّ من سلطة الوطن بالتنسيق مع رجل رسميّ من سلطة الاحتلال للقبض على رجل لا يعترف برسمية السلطتين.
تعال يا غسان كي ترى أنهم يخوضون ماراثونات للمصالحة منذ 15سنة بين إمارة غزة وحكومة الضفة، وفي كل مرة يفشلون من دون خجل، وسيستمرون بالفشل لأن أصواتهم ليست (من رؤوسهم).
تعال يا غسان كي ترى مخيمات الشتات، جميع شبابها يحلمون بالهجرة وفلسفتهم: هنا منفى وهناك منفى، لكن هناك لا يموتون أمام المستشفيات وأمام مكاتب الشؤون الاجتماعية الفلسطينية.
لماذا يحلمون بالهجرة؟
سؤال وجيه، لأن شركات التنظيمات والأحزاب أقفلت أبواب التوظيف. وأزيدك من الشعر بيتاً، شباب غزة أيضاً يحلمون بالهجرة، ويقدمون على الانتحار حرقاً احتجاجاً على تكالب الفقر.
تعال يا غسان كي ترى وتسمع “فلسطينيا” يقول : (إن “إسرائيل” وجدت لتبقى)، ويبقى من دون مساءلة! وإن حارة أبو ديس ستكون عاصمة فلسطين، وإن الفدائيين أصبحوا إرهابيين.
تعال كي ترى أن الإسرائيليين الذين فجروا رأسك ورأس لميس، يجوبون عواصم الوطن العربي، وسيتزوجون قريباً من بنات الضاد.
نسيت أن أقول لك أن سلطة فتح ممثلة بوزارة الثقافة، طبعا يا صديقي أصبح لدينا وزارة ثقافة تنظّم مهرجانات لمسابقات الجمال وإفطارات رمضان! المهم، نظّموا مسابقة باسمك لم يفز بها أي كاتب فلسطيني، ولا حتى بالترضية “ألله يرضى عليك”. وكما ترى كلماتنا “صفيقة في غياب السلاح”.
لا تأت يا غسان، وابق حيث أنت، واصل الدق على جدار الخزان، وواصل الكتابة،فأجمل الكتابات هي ما يسطّرها الموت، كي تصيب في مقتل.
أنور