خلافة الدالاي لاما تلوح في الأفق:
نافذة على ديانات الشرق والعقائد الهندوسية والبوذية .
مواجهة جديدة بين الصين والتبت حول خلافة هذا الرمز العظيم ..!
أنطوان يزبك
في حديث مصوّر من عدة عقود مع الفيلسوف الاشكالي الهندي” أوشو” الذي م
ات مقتولا في حادثة اغتيال غامضة ؛ ذكر ” أوشو” أن الفيلسوفين ماركس و أنجلز كانا يجهلان الديانات الشرقية ولا يعرفان من الأديان سوى اليهودية والمسيحية ، فكانت عقيدتهما الاشتراكية منقوصة بسبب عدم الاطّلاع على عقائد الشرق الأقصى.
هذه بالفعل مسألة فيها وجهة نظر أن نعرف ونتأثر بفكر أو عقيدة أو ديانة ، خاصة متى كانت القضية متعلقة بقضايا : الروح والموت والحياة بعد الموت خاصة الإيمان بالتقمص وتناسخ الأرواح ، وهذه مسائل ، لا بد لمحب المعرفة والباحث عن الحقيقة ، أن يطّلع عليها ، في التبت مثلا يؤمنون أن الدالاي لاما زعيمهم الروحي حين يتوفّى يتقمّص في طفل آخر حديث الولادة ، فيمضون يبحثون عنه حتى إذا عثروا عليه يقدّسونه و يتقلّد منصب الدالاي لاما الجديد وارثا سلفه الذي يحمل روحه في جسده .
يبلغ الدالاي لاما الحالي من العمر الآن 90 عامًا، ومع احتفالات عيد ميلاده، تهيمن مسألة خلافته على الأذهان، سواء لدى التبتيين أو الصينيين الذين احتلوا التبت عام 1950.
وفقًا للتقاليد الممتدة لأكثر من 600 عام، يُعاد تجسيد الدالاي لاما في خليفته. اللاما الحالي تينزين غياتسو، المعروف أكثر بلقبه “الدالاي لاما”، الذي يعني “محيط الحكمة” بالتبتية، يبلغ الآن تسعين عامًا ، يعتقد أنه سوف يعيش حتى سن 110، ولكن مسألة خلافته أصبحت حديث الجميع، سواء بين التبتيين داخل البلاد أو في المنفى، أو في أروقة السلطة الصينية المسيطرة على البلاد ، و أيضا بين المهتمين بالقضية التبتية.
وُلد الدالاي لاما تينزين غياتسو في 6 يوليو 1935 و إسمه الأصلي “لامو دوندوب”، ويُعتبر وفقًا للتقاليد التبتية التجسيد الرابع عشر للدالاي لاما الأول، في سلسلة من تجسدات “البوديساتفا” (كائن التنوير) المتجسدة في( كل البوذا) ، والملتزمة بمساعدة جميع الكائنات الحيّة على التحرر من المعاناة.
وظيفة الدالاي لاما دينية بالأساس وقد تمّ تنصيب تينزين غياتسو وهو في الرابعة والنصف من عمره في 22 فبراير سنة 1940، بعد أن تعرّف عليه الرهبان قبل ذلك بعامين ونصف بوصفه تجسيدًا جديدًا لسلفه ثوبتن غياتسو الذي توفي عام 1933. وجاء التعرف عليه من خلال رؤى لرجال دين تبتيين، وكذلك من خلال تمكّنه من التعرّف على أغراض كانت تخصّ تجسدات سابقة تعود لأسلافه . وبهذا، أصبح تينزين غياتسو الدالاي لاما الرابع عشر.
تعود تقاليد وراثة منصب الدالاي لاما عبر التجسد إلى عام 1391. ويُفترض أن “الدالاي لامات ” المتعاقبين هم تجسّدات للدالاي لاما الأول، المدعو غيندرون دروب (1391–1474). وبينما كان دورهم روحانيًا أساسًا، بدأ يتحوّل إلى دور سياسي وزمني اعتبارًا من الدالاي لاما الخامس في عام 1617 مع تتويج لوبسانغ غياتسو حاكمًا للتبت.
في عام 1950، تولّى الدالاي لاما الحالي، وهو في سن الخامسة عشرة، منصب رئيس الدولة والحكومة في التبت. وكان على اتصال دائم مع السلطة الصينية، واحتل لفترة قصيرة منصب نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الشعبي في جمهورية الصين الشعبية. غير أنه أُجبر في عام 1959 على مغادرة التبت إلى الهند بعد قمع الصين لانتفاضة شعبية.
طوال فترة منفاه، حاول الدالاي لاما، الذي تصفه السلطات الصينية بالانفصالي، اتباع طريق التفاوض مع بكين. وقد حظي بدعم العديد من الشخصيات الدولية مثل جورج بوش الابن وباراك أوباما. وفي عام 1989، مُنح جائزة نوبل للسلام.
“لقد حظيت حركة التبت بدعم عالمي واسع، لأن الشعب التبتي تبنى مبادئ عالمية في نضاله”، كما يقول. “وتشمل هذه المبادئ: اللاعنف، الديمقراطية، الحوار، التسوية، احترام الهواجس الصادقة للآخرين، وبيئتنا المشتركة.”
تسعى الصين للإشراف بل وحتى توجيه عملية تعيين الدالاي لاما المقبل، وهي محاولة تعمل الحكومة التبتية في المنفى على إفشالها. ففي مارس 2011، طلب تينزين غياتسو، الذي كان قد بدأ خطوات كبيرة نحو ديمقراطية الحكومة التبتية في المنفى، من البرلمان المنفي هو الآخر، تعديلًا دستوريًا يسمح له بالتقاعد. وقد صرّح بأن مؤسسة الدالاي لاما قد أصبحت متجاوزة ويجب أن تفسح المجال للديمقراطية. لكنه لم يستبعد تجسده مجددًا، وقال:
“في يوم ما، ستسمعون أن الدالاي لاما قد توفي، لكنني سأعود، حتى لو لم تعد مؤسسة الدالاي لاما معترفا بها . سوف أعود. ”
وقد أشار الدالاي لاما منذ عدة سنوات إلى أنّه إذا لم تُحلّ قضية التبت عند وفاته، فقد يتجسد خارج الصين، ربما في الهند. وقد يؤدي هذا إلى وجود دالاي لاما مزدوج: أحدهما تعترف به بكين، والآخر تعترف به الجالية التبتية في المنفى. وهو سيناريو قد تكون له تبعات على مستقبل التبت وعلى الساحة الدولية أيضًا.
التبت كانت وستبقى مرتعا للأسرار ، وقد وقعت ضحية الحرب الباردة إذ كانت الولايات المتحدة تخشى أن تحولها الصين الى معبر بري لغزو الهند ، بيد أنّها لم تحرّك ساكنا لتوقف الغزو الصيني في الخمسينات، لا بل وقف العالم يتفرّج على المذابح التي ارتكبها الجيش الصيني الشعبي في حق التيبتيين العزل و ترك هذا البلد لمصيره، من يقول أن التيبت أنجبت الغازي جنكيز خان الذي روّع العالم القديم واليوم صار الشعب التبتي من أكثر شعوب الكون مسالمة !! ..
