لا يد لأحد
أنور الخطيب
لا يد لأحد
في ما اقترفته النار بالعشب سوى؛
تناسيه أن يستحم
في لحظة البرد..
لا يد لأحد
في خلو الدروب من الناس سوى؛
خيانتها للمارين في لحظة انقلابها
على قدم الغريب
عند مفترق المجد
لا يد لأحد
في ازدحام البيوت هذا العام بالفراغ سوى؛
أن سكانها غادروها فأصيبت بزكام الضجر
فنظّفت جدرانها من رسوماتهم
في لحظة السفر
لا يد لأحد
في تكاثر اللاجئين خارج المخيمات سوى؛
أن البنية التحتية لم تكن مهيأة لهروب المدن
عند إقامة الحد
لا يد لأحد
في امرأة لم تهذّب حاجبيها منذ عامين سوى؛
إطلاق فتوى بتحريم المرايا
لا يد لأحد
في طرد أمي البحر من قلبها سوى؛
أنه أعاد لها ابنها بلا عينين
ولا كبد..
لا يد لأحد
في رجل غادر راء الراية
باء الغربة، لام اللا..سوى؛
أنه لم يدخل مدرسة
عند ارتداء الحروف
زِيَّ النون في الـ نعم..
لا يد لأحد
في اختفاء الياسمين فجأة سوى؛
أنه أحاط دمشق مثل قبلة العاشقين
لا يد لأحد
في قتل شيخ وهو يصلي سوى؛
أنه قال للزعيم الجديد:
“قل هو الله أحد”
لا يد لأحد
في اختطاف راهب من دير نوره سوى؛
أنه ردد في عزلته: “ليكن نور”
وله في الأعالي المجد..
لا يد لأحد
في إعدام طفل
يبيع قهوته للرصاص سوى؛
إلحاحه على حقه
في لحظة الجوع..
لا يد لأحد
في غربة احتسيتها حد الثمالة،
وزرعت فيها مشتهاي سوى؛
أنني أرى وطني فصل الحياة الأول والأخير
وكان من قبل إلها،
أنشر دمي على حبال شمسه
فتبخره.. يصعد غيما أحمر
يمطر عشقا وورد
لا يد لي
في الذهاب بعيدا بتأويل خمرة الشعر سوى؛
أنني كنت أحتسيها وفق تفعيلة الفجر
وأقرؤها لمن سجد
لا يد لي
في احتفاظي بعشق واحد
على مدى النبض سوى؛
أنني لم أفصل القول على مقاس شهوتي
وارتضيت الحياة بلا ولد
لا يد لأحد
في بقاء حبيبتي أرملة سوى؛
رغبتها في عودتي إلى ساحلها
بكامل نصفيّ
لتحرق كل مراكبي وتؤدبني:
خلفك بحرك، أمامك قلبك
فاختر ما شئت من فاكهة البلد
لا يد لأحد
في امتناعي عن مصافحة
الذي احتل سمائي سوى؛
احتفاظي بنسر كفّي نظيفا
إلى الأبد..