أعلنت بأني الحب.. شعر: أنور الخطيب

أعلنت بأني الحب.. شعر: أنور الخطيب

أعلنت بأني الحب

شعر: أنور الخطيب

لا تبحثْ عن حبٍ يا ولدي
خالفتُ الحكمة، اقتحمتُ مدينتي
أرتديت سترةً باليةً فوق بنطالٍ مرقّعٍ

حزاماً تدلّى حتى ركبتي
حذاءً يطلّ منه اصبعيَ الكبيرُ بظفرٍ طال كسنبلةٍ
أحمل غليوناً مسروقاً من بائع فجلٍ  لأبدو صعلوكاً،

كي يلتبس الشكلُ على روّاد المقهى
الصحفيين، النّقادِ، المفكّرين، الكامنين للنساء،

السياسيين عند مفترق القهوة..
كنت قبل هذي الأناقةِ قد أطلتُ لحيتي
إذ قيل لي، صبايا المدينةِ يعشقن البوهيميين…
الذين يجمعون أفكارهم من القمامة،
ينظمونها في قصيدة
أو ينثرونها في نصٍ متوسّلٍ للقافية،
كنت أيضاً قد سمعتُ،

شاعراتُ المدينة يكتُبن على سيقانهن نثراً

يُعدن فيه ترتيب الوسامة والجمال..
يُعدن تشكيل الرجال..
جلتُ الشوارعَ كالشعرِ الحرّ،
مرّة باستقامة السرو، أخرى أعرجا،

وثالثةً مترنّحاً أجسّد إيقاعيَ الداخليَّ..
قابلْتُ امرأة ذراعاها طويلتان تكتب الشعر المقفّى
وأحيانا تنثر التفاعيل في طريق عودتها من الحانة

كي يتبعَها السكارى الخارجون من ملهى التشابيه
قلت: ذراعك أشهى من وجبةٍ ساخنةٍ وأنا جائعٌ لوردةٍ أليفةٍ
قالت: ألتفّ عليك كأفعى إن لم…
هربتُ، تعثّرتُ بناشرةٍ عيناها كظبيةٍ طال انتظارُها لظبيها

فساح كحلها على غلافها وصارت حديثَ المطابعِ
قلت: حرفٌ مارقٌ أنا فانشريني بين دَفّتيك
قالت: إن أقفلتهما تموتُ كنقطةٍ في أخر السطر

أو كمؤلِّلف رولان بارت
هربتُ، دخلتُ بار المدينةِ،
راقصةٌ تقرأ “يا ولدي قد مات شهيداً من مات على خصر المحبوبِ”،

قلت: شهيدكِ..
فاستلّت سوطاً من خاصرةِ الخمر،

هربتُ، خرجتُ أجرّ الخيبةَ
اعترضتني متسولةٌ بالكعب العالي
تُلقي شالاً من جلد النمر على كتفٍ عارٍ

قالت: “ساعةَ حبٍ يرحمك الله”.
تصدّقتُ عليها بسترتي البالية
ببنطالي المرقّع
بحزامي المتدلّي
بحذائي المُقطّع
وغليونيَ المشتعل
أخرجت نصاً من عتم الجب
انتصبت في ساحة الشهداء
كما خلقتني السماء
لأعلنَ أني الحب…

اترك تعليقاً