قد يكون سلاح المقاومة هو أكبر تحديات الدولة اللبنانية على الإطلاق، خاصة مع رفض حزب الله تسليم سلاحه. وهذا التحدّي حسّاس وخطير، فهو مطلب عدد من القوى العالمية والإقليمية، وهذه القوى وضعت تسليم السلاح شرطاً لتقديم الدعم الاقتصادي للبنان، وهي تعلم أن الدولة لا تستطيع جمع السلاح بالقوة من حزب الله، وحزب الله يمتنع عن تسليم سلاحه، ويضع شرطاً أيضاً وهو: وقف الكيان الصهيوني لاعتداءاته، والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة. وتسعى القوى العالمية والإقليمية إلى الحصول على ضمانات بالإنسحاب ولكن من دون جدوى.
المشهد معقّد جداً، إذا أصرّ الجيش اللبناني على تنفيذ خطته بالقوة، سيصبح أمام أحد أمرين، إما الصدام المسلح مع حزب الله، ولن تكون حرباً أهلية، وإما انشقاق الجيش، حينئذ سينفرط عقد الدولة وسينحدر لبنان إلى الحرب الأهلية.أما السيناريو الآخر فهو: تنفيذ شكلي لخظة الجيش، لكن هذا لن يقنع الولايات المتحدة الأمريكية التي تراقب الوضع عن كثب.
على ماذا يعتمد حزب الله في قراره (الانتحاري)؟ هل على بيئته، أم أنصاره، أم أنه ينتظر تسليم السلاح الفلسطيني ليبني على الشيء مقتضاه؟ مع أن تنظيمات فلسطينية رفضت قرار تسليم السلاح، والخطة العسكرية تقضي بتسليم سلاح المخيمات أولاً.. فهل ينتظر حزب الله ما ستسفر عنه عملية تسليم السلاح الفلسطيني؟ وهو، أي الحزب ضد تسليم السلاح.
التمسّك بالسلاح يعود إلى قناعة تامة بعدم الوثوق بالكيان الصهيوني، وبعض القوى الداخلية اللبنانية، ويضربون أمثلة كثيرة مرتبطة بخيانة الكيان لتعهادته، وكذلك، يضرب الفلسطينيون مثال مجازر صبرا وشاتيلا، كنماذج لعدم الاطمئنان، وبالتالي، السلاح هو الحامي.
هنالك عدم ثقة تحكم المشهد، فالطرف المهتم كثيراً بتجريد المقاومة من سلاحها، عليه أن يقدم ضمانات، بل أكثر من ضمانات، المقاومة تطالب الجيش الإسرائيلي بالانسحاب، والفلسطينيون يطالبون بضمانات عدم تكرار مجازر صبرا وشاتيلا..
فكيف سينتهي المشهد: هل بحرب أهلية بين القوى اللبنانية والجيش؟ أم سيتعرض لبنان لهجوم بقصد القضاء على حزب الله والتنظيمات الفلسطينية.
من الناحية العملية المنطقية، وكرأي شخصي: أرى أنه ليس بالإمكان القضاء على حزب الله بالقوة، لأنه سيتحول إلى حرب عصابات ضد أي طرف.. وكذلك التنظيمات الفلسطينية.
قضية سلاح المقاومة يحتاج إلى إدارة أزمة قوية واحترافية، من قِبل حزب الله والحكومة. إدارة أزمة تضع سيناريوهات كثيرة وتضع بالحسبان السلم الأهلي.
