لماذا زايد؟  بقلم عبد الغفار حسين

لماذا زايد؟ بقلم عبد الغفار حسين

زايد بن سلطان آل نهيانزايد بن سلطان آل نهيانزايد بن سلطان آل نهيانزايد بن سلطان آل نهيان

 لماذا‮.. ‬زايد؟

بقلم عبدالغفار حسين

الرسالة الوجدانية التي‮ ‬سجلها الشيخ عبدالله بن زايد على موقع إحدى الصحف‮ ‬يوم‮ ‬1‮ ‬ديسمبر/كانون الأول‮‬ 2014،‮ ‬عن والده المغفور له،‮ ‬بإذن الله،‮ ‬الشيخ زايد،‮ ‬بعنوان‮ «‬لماذا زايد؟‮».. ‬تظهر هذه الرسالة بجلاء من كان زايد الإنسان؟ ومن كان زايد القائد؟‮.. ‬وكيف استطاع هذا الرجل الملهم أن‮ ‬يبني‮ ‬ملكاً‮ ‬خلال أعوام قليلة لا تعدّ في‮ ‬عمر الفرد منّا شيئاً‮ ‬فضلاً عن عمر الدول‮؟.. ‬ويقيم هذا الملك على أسس حضارية‮.. ‬يجمع هذا الجمع الغفير من شتى النحل والملل في‮ ‬إطار من المدنية التي‮ ‬تعطي‮ ‬للإنسان قيمته باعتباره أحسن المخلوقات،‮ ‬وتساوي‮ ‬بين المُلك الذي‮ ‬أحدثه زايد وممالك العالم المتمدين‮.‬

لم تكن وفرة المال وحدها هي‮ ‬التي‮ ‬مكنت زايد من أن‮ ‬يحقق ما كان‮ ‬يصبو إليه،‮ ‬بل كانت الهمّة العالية لدى هذه الشخصية القيادية هي‮ ‬المحور‮.. ‬كان زايد بن سلطان‮ ‬يعيش على الفتات التي‮ ‬تصله‮ ‬يوماً‮ ‬وتمتنع عنه لأيام وهو في‮ ‬واحات العين في‮ ‬منتصف الأربعينات من القرن الماضي،‮ ‬حيث كان كل شيء‮ ‬يشير إلى الجفاف‮.. ‬الصحراء والحالة الاقتصادية وطرق العيش والناس أيضاً‮.. ‬ولكن الرجل،‮ ‬زايد بن سلطان كان كما هو في‮ ‬الأصل سيداً‮ ‬ونوخذة عالي‮ ‬الهمّة‮ ‬يتخطى الصعاب ويجابهها ويدير الدفّة بمهارة لا‮ ‬يقوى عليها إلا النواخذة المهرة الكبار‮.‬

وجاءت المصاعب تظهر الواحدة تلو الأخرى في‮ ‬حياة زايد وهو في‮ ‬هذه البقعة الغالية من الوطن وأرضه وأرض أجداده،‮ ‬العين وما جاورها من الواحات‮.. ‬تمرد العشائر القبلية وخضوعها لإرادة مستوحاة من الخارج،‮ ‬وطمع هذا الخارج في‮ ‬التوسع على الأرض،‮ ‬وعدم وجود أية قوة تستطيع أن توقف الأطماع عند حدها‮.. ‬فكان زايد لا‮ ‬يهن ولا‮ ‬يتخاذل رغم كل الظروف السلبية المحيطة،‮ ‬وكانت دعوته إلى إنشاء جيش وطني‮ ‬ولاؤه‮ ‬للوطن وليس للعشيرة والقبيلة،‮ ‬فكان له ما أراد،‮ ‬تكونت قوة ساحل عمان التي‮ ‬أصبحت بعد ذلك نواة الجيش الإماراتي‮.. ‬ودعا زايد شباب البدو الذين كانوا طاقة سلبية معطلة للانخراط في‮ ‬التدريب العسكري‮ ‬وتلقي‮ ‬مبادئ التعليم الذي‮ ‬يجعل منهم مواطنين صالحين خارج حدود القبيلة الضيقة،‮ ‬واستطاعت خطته أن تنجح نجاحاً‮ ‬منقطع النظير،‮ ‬وتمكن الجيش الذي‮ ‬أسهم زايد في‮ ‬تكوينه بالتوجيه والإرشاد والدعم من أن‮ ‬يجعل للوطن هيبته ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح‮.‬
وأصبحت واحة العين بقعة تسر العيون بما فعله زايد من أجلها حماية وعمراناً‮ ‬وتشييداً،‮ ‬وكان ذلك في‮ ‬الوقت نفسه تمهيداً‮ ‬ليخرج زايد عام‮‬ 1966،‮ ‬إلى الملأ،‮ ‬زعيماً‮ ‬وقائداً‮ ‬يشار إليه بالبنان وتشرئب إليه الأعناق،‮ ‬ويمهد زايد لهذه الدولة التي‮ ‬انتقلت من مرحلة حسنة إلى المراحل الأحسن خلال أقل من خمسين عاماً‮ ‬من عمرها المديد‮.‬
وفي‮ ‬النهاية فإن من أحسن علامات القيادة عند زايد أنه كان قدوة للذين أتوا من بعده وساروا على طريقه،‮ ‬وطالما‮ ‬يتم سلوك هذه الجادة‮ ‬التي‮ ‬مهدها زايد،‮ ‬فإننا بإذن الله واصلون إلى الهدف الآمن والمنشود‮.‬
في‮ ‬مثل هذا الشهر المبارك من عام‮ ‬1425‮ ‬هجرياً،‮ ‬انتقل زايد بن سلطان إلى رحاب الله وكل الناس راضون عنه في‮ ‬الغرب والشرق لأن زعامته لم تقتصر على جغرافية محدودة من الأرض،‮ ‬بل احتل قلوب الناس بإنسانيته وبُعد همته وما بذله في‮ ‬سبيل إصلاح شأن العرب والمسلمين وغيرهم،‮ ‬فرحمة الله على زايد،‮ ‬وندعوه تعالى أن‮ ‬يحشره مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً‮.‬

بقلم‮: ‬عبدالغفار حسين
agh@corys.ae

عن جريدة الخليج

http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/82778bea-cfbb-4c50-b9b7-f75691139807

اترك تعليقاً