ثمة حرية أبعد في اليد:
في مرات وبينما أنا أتأمل “فن العمارة ” أرى في هذا الفن “يدا” أعلى من الكلمة، أكثر صعودا، وأكثر “ترقيا” على المستوى الروحي والوجودي، الكوني و الجمالي والفني. أرى “اليد” أبعد من اللغة و أكثر من البلاغة، أكثر اقتحاما ونفاذا لمناطق الجمال الخفي، وللسري والغامض في هذا الوجود. اليد اكثر اقتحاما من الكلمات و أكثر جرأة من “اللغات”.
ثمة حرية أبعد في اليد وتعبيرا أكثر اتساعا. لعل ذلك له علاقة بالتجربة الروحية للأعضاء، للجسد، والتي هي تجربة مباشرة – أو في كثير من هذه التجربة – تأتي مباشرة دون وسيط وحجاب الكلمات، دون جسر اللغات والتي هي جسور اتصال وانفصال، جسور التحام وانسجام واضطراب في ذات الوقت.
اليد/الجسد أكثر قدرة على التعبير عن أشياء الوجود من الكلمة/اللغة. وقل ذات الكلام عن الرقصة وعن الموسيقى، فالرقصة والآلة الموسيقية متصلتان بشكل مباشر بالجسد وأعضائه وبالتالي تجربته الروحية الجمالية مباشرة و دون وسيط مع الأشياء والموجودات على المستوى الكوني والحياتي و اليومي، دون ما حاجة ملحة وكبيرة “للوسيط اللغوي” و “حجاب الكلام”.
كل ما يتعلق بفنون الجسد أكثر “بلاغة” من تلك الفنون التي تأتي من خلال الكلمات، من خلال اللغات. وهذه قسوة على الشعراء و الكتَّاب تحديدا ولكنها تبدو حقيقة وجودية و كونية.

