لا تلمِ السكّينَ
فالأعناقُ ذوّاَقة جراحٍ أيضًا…
كلَّما داعبَتْها طعنة
تواطأتْ عليها حوريَّةٌ من فلسطين
فأراقتْ على صفصافِ الخيالِ نغمًا كنعانيًا
ثم هَجتْ غُلاة السَّبي الذين
يستحمّونَ بالنارِ…
لا تلمِ السكّينَ
فحاملُها هو من يقرِّرُ الطعنَ… أو قطعَ القيود
والنصلُ…
لا يتوحَّشُ النَصلُ إن دَنتْ منه ابتسامةَ مَلاكٍ
لكنه يصيرُ قاتِلاً مُتمرِّسًا
حدَّ الجهادِ…
إن أمسكَتْهُ قبضةُ الظلام.
في الحظيرة… حظيرةِ الأمسِ الشاسعِ
آثارُ عَسسٍ ودمٌ متخثِّرٌ ونصلٌ غارقٌ في جثةِ حكيمٍ
وكتابٌ استطابتِ النارُ طعمَ حبرهِ وقصيدةٌ… عن نصرٍ لم نذقْهُ يومًا.
بريئةٌ من دمائِنا أيتها السكّين…
فنحنُ من أطفأ الشموسَ البلديَّة
ونحنُ من سلخَ جلودَ النجومِ العصيَّةِ على الغبار
ونحن الذين أحنينا للجهلِ أعناقَنا…
ووشَينا للحاكِمِ عن غيارى يحدِّقون بالضوءِ فيرقصُ.
مهلاً سيِّدي الحالمُ… زكريَّا
كلُّنا يحيى
لكنَّ اللهَ لم يرسلْ من لدنْهِ أكباشًا تفتدينا
ولو أنَّكَ ترى كم سكّينًا يحملُ الطامحونَ برضا خالقِهم
لحزنتَ على حلمٍ… أصابَنا بداءِ الذبح.
مهلاً سيّدي…
لو كان الحلمُ شالاً طرَّزَته كفٌّ دافئة
وعلَّقتْهُ على عنقِ فتاكَ الوحيدَ
لو أطعمْتَ الحَمَلَ من كفِّكَ عشبًا غضًّا
وعلَّمتنا الامتنانَ بلغةِ الثغاءِ
لكُنَّا الآنَ… نثغو بلغةِ الشكر والحياة.
لو أنَّنا نقرأ باسمِكَ العيشَ
وانتصارَ النحرِ على طاعتِكَ
لاتسعَ البقاءُ لذرّية اليمام.
اكتملَ عقدُ النبؤةِ
ونهرُ الرسالاتِ جفَّ مَجراهُ
لم تزلْ شجرةُ البِرِّ عاقرًا
وضجيجُ الانتقامِ يصبغُ السَّحابَ بدماءِ الوارثينَ
فكم من نبيٍّ تريدُ أمَّتي كي تغسِلَ الرحمةُ عارَ نجاتنِا؟
شابتِ النسمةُ قبل أن تُدركَ صدري
ونخيلُ الصحارى لم يأتِهِ مَخاضٌ من رُطبٍ…
كأنَّ قوافلَ اليباسِ سرقتْ دروبَنا
وتركتْ خطانا تهيمُ في ليالي الرمل.
لا تلُمِ السكّين…
فالأكفُّ البيضُ لم تحصدْ قمحًا ليمامِها
والغيمُ في سمائِنا أضاعَ سِمة الخصوبةِ
وفطاحلُ التجويدِ في بوادي الغفران
لم يوقظوا الدَّمَ في عروقِ النهار.
لا تلمِ السكيِّن.