لستُ كاتباً تحت الطلب       بقلم: جواد العقاد

لستُ كاتباً تحت الطلب بقلم: جواد العقاد

أنا لستُ كاتباً تحت الطلب، ولا أُجيد الكتابة تحت سوط الوقت وتجارة المواجع.. ثمة فرقٌ شاسع بين من يكتب ليُجسِّد الألم، وبين من يعتاش على دمه.

لا أستطيع أن أشارك في ندوة شعرية لا تُذكَر فيها غ ز ة، كيف أقول شعري بلغة القاعات المكيّفة، وأنا بين الركام والرماد؟ كيف ألبس القصيدة ثوباً حريريّاً، ووجهي مسوَّدٌ بغبار القصف؟

أنا شاعرٌ ربَّته الحروب، كما قال د. المتوكل طه في مقدمة كتابي “أكتب موتي واقفًا”. في روحي وجسدي جراح، وفي لغتي نارٌ لا تُروَّض. قصيدتي لا تقبل التأويل ولا المساومة، قصيدتي أنا.

ويبدو كل الكلام والقصائد والصراخ والتصريحات والمنشورات تفاهة أمام المشهد الدموي المهول… أمام رضيع ينتشلونه من تحت الركام بلا رأس، وأمّ تحتضن أشلاء أولادها في كيس، وأب يجرّ قلبه المحطّم في كفن صغير.

ما الذي تبقّى من اللغة؟ ما الذي تبقّى من الشعر؟ كيف أصرخ بقصيدة والأجساد تُسحب من تحت البيوت كالعصافير المحترقة؟
أي معنى تبقّى للمنشورات المليئة بالمجاملات والرماد المغلّف بالورود؟ أي دور تبقّى للشعر..

لا أكتب كي أُعجب، ولا أصرخ كي يُقال عني جريء، أنا أكتب لأنني أختنق، لأن غزة في حلقي، لأنّ كل بيت يُقصف يعصف بي، وكل طفل يُقتل هو نصي الناقص.

أنا شاعرُ شعب وحقيقة وجذور، لا شاعر مواسم، أنا لا أكتب الموت، أنا أعيشه، ومن يعيش الموت، لا يُجمّله.

جواد العقاد
غزة

اترك تعليقاً