إغلاق بازان: زلزال صامت يهز أمن إسرائيل الطاقي

إغلاق بازان: زلزال صامت يهز أمن إسرائيل الطاقي

إغلاق بازان المفاجئ…

 القرار الصادم: شركة بازان تعلن إيقاف أنشطتها في حيفا

في تطور دراماتيكي وغير مسبوق منذ تأسيسها قبل أكثر من ثمانية عقود، أعلنت شركة بازان (Bazan Group) اليوم الإثنين 16 يونيو 2025، وقف عملياتها نهائيًا في مدينة حيفا، وذلك بعد أيام فقط من تعرض منشآتها لضربة صاروخية مباشرة خلال موجة التصعيد الأخيرة بين إيران وإسرائيل.

وأفاد بيان رسمي صادر عن إدارة الشركة: «بسبب الأضرار الهيكلية الكبرى التي لحقت بمرافق الإنتاج الأساسية، وتزايد المخاطر الأمنية والبيئية، قرر مجلس الإدارة إغلاق المجمع بشكل كامل والبدء بخطة تفكيك تدريجية لمنشآت التكرير».

ما حدث؟ خلفيات الهجوم وأسباب الإغلاق

بازان -bazan
profilenews
  • في فجر 16 يونيو، أُطلقت صواريخ إيرانية بعيدة المدى على أهداف إسرائيلية ضمن “عملية الوعد الصادق 3″، وتمكنت بعض الصواريخ من اختراق منظومة القبة الحديدية لتصيب مصفاة بازان مباشرة.
  • تسبب الهجوم بـاندلاع حرائق وانفجارات في وحدات الإنتاج والمعالجة، ما أدى إلى إصابة عدد من العاملين وإجلاء الطواقم الفنية.
  • بعد تقييم الأضرار، تبيّن أن البنية التحتية للمصفاة غير قابلة للإصلاح الآمن في المدى القريب، وهو ما دفع إلى اتخاذ قرار تاريخي بإغلاق المصفاة نهائيًا.

 التداعيات الفورية على الأمن الطاقي الإسرائيلي

شركة بازان كانت تمثل الشريان الحيوي للطاقة في إسرائيل، إذ توفر:

  • أكثر من 60% من وقود الديزل المحلي.
  • نصف الكمية المستهلكة من البنزين.
  • الوقود الجوي المستخدم في مطارات تل أبيب وحيفا.

وبالتالي، فإن توقفها سيؤدي إلى:

  • ارتفاع أسعار الوقود محليًا في الأيام القادمة.
  • اضطراب في سلاسل الإمداد الخاصة بالنقل والصناعة.
  • اعتماد أكبر على واردات النفط المكرر من الخارج، خاصة من تركيا وقبرص.

 التأثير على أوروبا وسوق الطاقة الإقليمي

رغم أن إسرائيل لا تُعد من المصدرين الكبار للطاقة الخام إلى أوروبا، فإن لمصفاة بازان في حيفا دورًا مهمًا في شبكة الطاقة المتوسطية، خاصة فيما يتعلق بإعادة تصدير المنتجات المكررة والبتروكيماويات. لذلك، فإن الإغلاق المفاجئ للمصفاة بعد الهجوم الصاروخي الإيراني يُحدث اضطرابًا غير مباشر لكن مؤثرًا في مسارات التوريد التي تربط شرق المتوسط بالقارة الأوروبية.

من أبرز القنوات المتأثرة:

  • الصادرات البتروكيماوية: كانت بازان تصدّر مواد كيميائية ووقود صناعي إلى مصانع أوروبية في اليونان، قبرص، وجنوب إيطاليا، خاصة عبر شركتيها الفرعيتين Carmel Olefins وGadiv.
  • وقود الطيران: لعبت المصفاة دورًا ثانويًا لكنه مهم في تأمين وقود الطيران لبعض المطارات الإقليمية في شرق أوروبا، خاصة تلك التي تعتمد على الشحنات السريعة من شرق المتوسط.
  • الاستقرار السوقي: مع تعطّل الإنتاج في حيفا، ستواجه الأسواق الأوروبية الصغيرة والمتوسطة ارتفاعًا في أسعار مشتقات النفط في المدى القصير، نظرًا إلى تقلص المعروض من المنتجات النهائية المعاد تصديرها.
  • تأثير سلاسل اللوجستيات: العديد من شركات الشحن عبر البحر المتوسط كانت تستخدم ميناء حيفا كنقطة وسيطة لإعادة تعبئة ونقل مشتقات النفط نحو مرافئ أوروبية. توقف بازان يشل هذا المسار مؤقتًا.

في السياق الأوسع، يأتي هذا الإغلاق في وقت حساس تعاني فيه أوروبا من ضغوط مستمرة في قطاع الطاقة، نتيجة الحرب في أوكرانيا، والعقوبات على روسيا، والتنافس الجيوسياسي في شرق البحر المتوسط. وبالتالي فإن زوال مصفاة بازان من المعادلة يُضاف إلى سلسلة الاضطرابات التي تهدد أمن الطاقة الأوروبي وتدفع دولًا مثل ألمانيا وفرنسا إلى تعزيز اتفاقيات الاستيراد البديلة من شمال إفريقيا أو الخليج.

ويرى بعض الخبراء أن أوروبا قد تتسارع في تمويل منشآت تكرير جديدة في مناطق أكثر استقرارًا سياسيًا، أو الاستثمار في مشاريع خطوط أنابيب بعيدة عن النقاط الساخنة جيوسياسيًا، ما قد يؤدي في المستقبل إلى تغير جذري في ممرات الطاقة التقليدية.

 ماذا بعد بازان؟ مستقبل خليج حيفا الصناعي

يرى بعض المحللين أن إغلاق بازان قد يسرّع خطط الحكومة الإسرائيلية لتحويل خليج حيفا إلى منطقة خضراء وسياحية، خاصة أن المصفاة كانت لسنوات هدفًا لحملات بيئية وسياسية بسبب نسب التلوث المرتفعة.

ولكن هذا التحول لن يكون سهلًا، إذ سيتطلب:

  • تعويضات كبيرة للمستثمرين.
  • إعادة تأهيل بيئي طويل الأمد للتربة والمياه.
  • توفير بدائل عملية للطاقة والصناعة التي تعتمد على المصفاة.

انعكاسات اقتصادية: من الخسارة الصناعية إلى الفراغ الاستراتيجي

من المتوقع أن يُكلف إغلاق بازان الاقتصاد الإسرائيلي مئات ملايين الدولارات سنويًا، سواء من حيث الإنتاج أو الضرائب أو الوظائف. كما سيؤدي إلى:

  • تسريح أكثر من 1500 عامل مباشر وآلاف آخرين من المتعاقدين.
  • تقلص دور إسرائيل كمركز معالجة وتكرير في شرق المتوسط.

 هل هو إغلاق دائم… أم تكتيك لإعادة الانتشار؟

Bazan-بازان
profilenews

بينما أعلنت الشركة أن القرار نهائي، يرى بعض المحللين أن الإغلاق قد يكون جزءًا من إعادة تموضع استراتيجي لتوزيع منشآت الطاقة بعيدًا عن التهديدات الأمنية في الشمال، وربما باتجاه صحراء النقب أو النطاق المركزي.

هل خمدت النيران فعلًا؟

يبقى السؤال الأكبر: هل طويت صفحة بازان فعلاً؟ أم أن إعادة التموضع في الخفاء تمهّد لمجمع طاقة جديد أكثر تحصينًا ومرونة؟

ما هو مؤكد أن المشهد الطاقي الإسرائيلي تغيّر إلى الأبد بعد 16 يونيو 2025، وأن خليج حيفا لن يعود كما كان.

تم التحرير والنشر بواسطة Profile News | www.profilenews.com

اترك تعليقاً